::الهدي بعد الضلال ( زيارة الساحر... كانت سبيل النجاة)::

زيارة الساحر... كانت سبيل النجاة!!

كم هي جميلةٌ تلك الكلمات التي تفوهت بها أختنا في الله ( عائشة ) التي مَنِّ الله عليها بنعمة الإسلام؛ وسلوك الطريق القويم، والنجاة من غياهب الكفر، فخرجت من الظلمات إلى النور، فَسَعُدت بطيب المعيشة، وامتلات روحها بالطمأنينة والإيمان، وأحست بنعيم التوبة بعد المعصية، ونترك الحديث لأختنا تروي قصة توبتها ودخولها الإسلام:

أولا:

قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم: " وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى المَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولاَ إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ المَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ " ( البقرة:102 ).

لم أكن أعلم تفسير هذه الآية، حتى مررت بذلك الموقف، أنا في حيرةٍ شديدة من أمري؛ ولكن ليس هناك خيار، فالموقف الذي مررت به عجيب، من هو ذلك الرجل الغريب!! كانت مقابلتي له ضرباً من الخيال، وكان فيها تغيير حالي، وتساءلت هل بالفعل يريد الخير لي في حياتي وتخليصي مما أنا فيه؟؟ أم أنه يكذب في ذلك ويريد استغلالي لمرادٍ في نفسه؟!جعلني أُفكر في طريقة حياتي بكاملها.
أود البوح لكم بسر؛ لقد دخل أعماق نفسي بشكلٍ مفاجئ وأُفكر فيه غالبية الوقت!!أصبح له من التأثير في نفسي فعل عجيب!! بدأت الحيرة تتملكني، لماذا ذلك الشخص فتح لي حياةً أخرى تختلف عن حياتي التي أعيشها شكلاً ومضموناً؟! لماذا أشعر بداخلي بأني مقبلةٌ على الطريق الصحيح؟!.
هنالك شيءٌ ما بداخلي يدعوني للتصديق به واتباع نصيحته!! ويقول لي: عليك بالتسليم بذلك الشخص؛ إنه يدعوك لدين الحق، فهو دليلك إلى النجاة مما أنتي فيه، ومفتاح الهداية التي مَنَّ الله عليكِ بها، وبعد هذا الشعور الداخلي والمناجاة القلبية أصبحت تواقة لمعرفة الحقيقة.

كان مولدي في إحدى الدول الإفريقية، ونشأت وترعرعت في مجمتعٍ مظلم، يدين بالشرك والكفر، يعيش المرء فيه بدون هدفٍ سام، ولا تفكير، كانت حياتنا تقوم على المتعة الزائفة، والإيمان بالمحسوبات والماديات، نعيش في ضيق، وضنك، وتعاسة، ومشاكل، دون التفكير فيما سيؤول إليه الحال بعد الموت.
كنت أفتقد شيئاً ما في حياتي؛ وهو هداية دين الإسلام، وكانت بداية تفكيري وهدايتي في عام 1986م عندما أصابني مرض عضال، فقمت بالانتقال بين مشفى وأخر في محاولةٍ للعلاج؛ ولكن الأطباء صعب عليهم مرضي، وبدأت بوادر خيبة الأمل تظهر على محياهم عندما ظهرت نتائج التحليلات الطبية، فأصبحت المراجعات الدورية في المشفى بدون فائدة.
وفي أحد الأيام سمعت من بعض الأشخاص أن هناك ساحراً يستطيع علاج المرضى مهما بلغت درجة مرضهم وشدته، فجاء هذا الخبر بمثابة الفرج لي للتخلص من محنتي، فجمعت كافة المعلومات عنه، وقررت زيارته اليوم التالي.
عندما حل المساء، ذهبت إلى غرفتي كما هي العادة للاستعداد للنوم، وجلست أفكر فيما سوف يحدث غداً عند زيارتي للساحر؟؟ وكيف ستكون النتائج؟؟ هل سأجد لديه علاج مرضي؟؟ أم تكون رحلة منتهية بالفشل كما حصل مع الأطباء في المشفى؟؟ ومن ثم استغرقت في نومٍ عميق، وأثناء نومي رأيت أني قمت في الصباح، وارتديت ملابسي، وخرجت من منزلي متوجهةً إلى منزل الساحر لمقابلته والحديث معه عن مرضي وكيفية علاجي، وعندما كنت أسير في الطريق ظهر لي شخصٌ لا أعرف ملامحه، يرتدي ملابس غريبة غير مألوفة لدي، فقد كان يرتدي ( ثوباً وعمامة ) واستوقفني وقال لي: لا تذهبي إلى الساحر ولا تدخلي منزله؛ لأن ذلك المكان نجس، ولن تستفيدي أي شيء من ذهابك إليه، فاستغربت منه ذلك فهو لا يعرفني ولا أعرفه!! فكيف يطلب مني مثل ذلك، ومن ثم قام بإمساك يدي؛ ولم أُبدِ أي معارضة لتصرفه ذلك، وسرت معه حتى نهاية الطريق، ومن ثم قَدَّم لي كتاباً، وبعدها أنصرف عني وتركني وحيدةً في مكاني.
قمت بفتح الكتاب الذي أخذته من الرجل، وكانت هناك مفاجأة أخرى بانتظاري؛ حيث إنه كُتب بخط مختلف؛ حتى أنني لم أستطع قراءته، ولكني عندما أنظر إلى حروفه أشعر كأني أعرفها تماماً، ويخالجني شعور بالطمأنينة، وأحس براحة بال لم أعهدها من قبل.
استيقظت صبيحة اليوم التالي، وما زالت أحداث تلك الرؤيا تجول بخاطري وتمر أمام شريط ذاكرتي، وعندما قابلت والدي أخبرته بالرؤيا كما رأيتها في منامي، وقمت بوصف كل صغيرةٍ وكبيرةٍ فيها، وعندما وصلت إلى وصف ملامح الرجل الذي قابلته وأعطاني الكتاب، ظهرت علامات الدهشة والتعجب على محيا وجه والدي، وقال لي: إن هذا الوصف يشبه وصف ملامح جدك!!فارتسمت الدهشة على وجهي كذلك، كيف حدث هذا؟!الآن عرفت بأن الشخص الذي قام بزيارتي في المنام وأعطاني الكتاب هو جدي الذي لم أقابله في حياتي!!.
طلبت من والدي أن يحضر لي نسخةً من ( الإنجيل ) باللغة الفرنسية، ظناً مني بأنه الكتاب الذي قدمه لي جدي في المنام، حتى أستطيع قراءته ومعرفة ما فيه بهدف اعتناق النصرانية، ومع هذا التغيير أصبحت حديث العائلة؛ منهم من استهزأ بي وشبهني بالإنسانة الخيالية التي تحلم أن هناك ديناَ آخر غير الذي يعتقدونه، وأنني سوف أقوم تبغيير ديانتي من أجل رؤيا منامية، لكني لم أُعط هذا الكلام أي نوع من الأهمية وواصلت رحلة البحث، وقمت بزيارة أكثر من نصف الكنائس الموجودة لدينا في البلاد؛ للبحث عن الدين الذي يجب أن أعتنقه، وكان في كل مرة يحدث معي أمر عجيب؛ حيث إني عندما أخلد للنوم يأتي الرجل نفسه بهيئته وزيه ويقول لي: إبحثي عن الدين الصحيح، لن تعبدي ربك في هذا المكان، قاصداً بذلك ( الكنيسة ) وبعدها علمت أني لم أجد الدين الصحيح الذي أبحث عنه.
وفي أوآخر السنة من عام 1993م قدر الله سبحانه وتعالي أن أتعرف على أحد الإخوة المسلمين، طلبت منه أن يُحدثني عن الإسلام ونبيهم؛لأني لم أكن أعرف عن الإسلام شيئاً، وكان لدي اعتقاد أن الإله المختص بالمسلمين يختلف عن إله النصارى، فقام بإخباري عن الإسلام ومحاسنه، وتكلم عن الرسول محمد ? ورسالته إلى البشر، وتحدث عن ( القرآن الكريم ) كتاب رب العالمين إلى الناس كافة.
طلبت منه أن يحضر لي نسخةً من ( القرآن الكريم ) لأطلع عليها، وعندما أحضرها ومنذ أن طالعت في الصفحة الأولى فيه امتلات عيناي بالدموع وأجهشت بالبكاء، وأصابتني الرجفة والخوف الشديدين، لقد كان ما رأيته في المنام من حروف لم أعرف قراءتها وغريبة علي هي نفس ما أراه في هذا الكتاب الذي بين يدي، إنه ( القرآن الكريم ) وليس ( الإنجيل ) كما ظننت، وعرفت أن الدين الحق هو ( الدين الإسلامي ) وأنه ليس هناك دينٌ مقبولٌ عند الله سواه، قال الله تعالى: " وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلامِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الخَاسِرِينَ " ( آل عمران:85 ).
حمدت الله الذي ألهمني معرفة الصواب، فأنا الآن من المسلمات ولله الحمد والمنة، وكانت نهاية بحثي خيراً لي في حياتي، وقد اعتنقت الإسلام في آخر أيام رمضان المبارك من العام 1993م، ومن العجائب أن جدي جاء في المنام بعد أن أسلمت وقال لي: الآن سوف تعبدين ربكِ كما يجب، وإلى هذا الحد تنتهي قصتي لكم.

شكرا على المساهمة القيّمة